يظهر جليًّا أنّ الاهتمام الدولي ليس محصورًا بلبنان ولا وجود لـ “فحطة” من عواصم القرار تجاه وطن الأرز، بل كل الجهود والمساعي والصفقات وما يُطرَّز ويُخيَّط من الكبار إنّما يصبّ في سياق ما يسمى بـ “صفقة القرن”.
ولبنان المشهود له في حقبة الستينات والسبعينات إلى منتصف الثمانينات، بالنزول إلى الساحات والتظاهر والعصيان عند أي مفصل إقليمي، غاب عنه ذلك أمام حدث صفقة القرن لجملة اعتبارات سياسية داخلية اقتصادية ومعيشية، في ظل تساؤلات لماذا نكون ملكيين أكثر من الملك؟ ألم نتعلّم من تجارب الماضي؟ في حين كان اللافت أنّ التعبير عن هذا الحدث في البحرين جاء خجولاً وأقل من “ميني – تظاهرة” في بيروت، ما دفع معظم وسائل الإعلام إلى مغادرة مركز التجمّع على اعتبار أنّها “ما بتحرز” كما كان يحصل في محطات سابقة.
وتوازيًا، فإنّ غياب الحماس الدولي تجاه لبنان بدأ ينسحب على موضوع النازحين، حتى ممّن كُلّفوا بهذا الملف وتحديدًا المبادرة الروسية لإعادة النازحين إلى ديارهم. وهنا انحبست الأنفاس وكثرت التحليلات والاستنتاجات إزاء ما ستفضي إليه زيارة الوفد الروسي الأخيرة إلى لبنان، وقد سبق لـ “النهار” قبل أسابيع أن أكّدت ونقلاً عن مصادر روسية في الكرملين ان العودة دونها عقبات وصعوبات لأنّها مرتبطة بالعملية السياسية لإنهاء الحرب في سوريا، وذلك يحتاج إلى توافق غير متوافر بين واشنطن وموسكو.
أمّا عمّا لم يُكشف عن زيارة الوفد الروسي، فالمكتوب يُقرأ من عنوانه كما قال مرجع سياسي في مجالسه عندما وصف الزيارة بأنّها لرفع العتب. وفي هذا الإطار، فإنّ ما يؤكّد برودتها السياسية والإعلامية وحجم الاستقبالات، يتمثل بالشح في التصريحات من قبل أعضاء الوفد وحتى من السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين الذي غادر إلى موسكو لقضاء إجازة عائلية في إحدى ضواحي العاصمة الروسية لينتقل من هناك مع الأصدقاء إلى فنلندا التي يقصدها دائمًا في الصيف لممارسة هواية صيد السمك والتأمّل.
في السياق، تقول مصادر مواكبة لـ”النهار” إنّ هناك كلامًا قيل من الوفد الروسي قد لا يتوقعه البعض، عندما دعا المسؤولين اللبنانيين للذهاب إلى الأمم المتحدة للتفتيش على مصادر التمويل بغية إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، قائلين “نحن مستعدون للمساعدة والدعم من خلال إعادة مليون نازح ومتكفّلون بالسهر على أمنهم”، أي أن تؤمّن التغطية الأمنية من قبل الروس لضمان سلامتهم. وتضيف أنّ ما أدّى إلى خطف الأنظار عن هذه الزيارة إنّما هو مهمة نائب وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد الذي كان يعمل على خط بيروت – تل أبيب في مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية مع إسرائيل.