سارة طهماز – ليبانون تايمز
في مثل هذه الأشهر الهجرية من كل عام يقصد ملايين الحجاج من كافة أنحاء العالم، بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج، في الكعبة المشرّفة. لكن هذا العام تبدّل الحال وفقا لإنتشار وباء كورونا الذي يفتك بالعالم، فكان هذا الصباح أول الأيام الخمسة لأداء المناسك، حيث إستقبلت الكعبة القلة القليلة من الحجاج بعد عملية اختيار قامت بها السلطات السعودية حيث سمحت بمشاركة نحو 10 آلاف مقيم بالمملكة مقارنة بنحو 2.5 مليون مسلم حضروا العام الماضي.
وتم تزويد كل حاج بمجموعة من الأدوات والمستلزمات، بينها إحرام طبي ومعقم وحصى الجمرات وكمامات وسجادة ومظلة، كما طلب منهم وضع سوار لتحديد تحركاتهم. وقد أقامت وزارة الحج والعمرة العديد من المرافق الصحية والعيادات المتنقلة، وجهزت سيارات الإسعاف لتلبية احتياجات الحجاج الذين سيطلب منهم الالتزام بالتباعد الجسدي.
وخضع الحجاج لفحص فيروس كورونا المستجد قبل وصولهم إلى مكة، وسيتعين عليهم أيضا الحجر الصحي بعد الحج.
حرم الكثير من الناس من الحج هذا العام والوقوف على جبل عرفة، لكن في الحقيقة الحج لا يشكل فقط المناسك وإنما يمكن تطبيقه في أوجه الحياة المختلفة.
يوم عرفة
شرح الشيخ عماد شحادة في حديث لموقع “ليبانون تايمز” عن يوم عرفه قائلاً “هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة واليوم الذي يقف فيه حجاج بيت الله الحرام على جبل عرفة، وهو ليس للحجاج فقط بل هو يوم للعبادة العظيمة للناس في كل بقاع الأرض، هو عيد عظيم وإن لم يسمّ عيدا، وهو يوم دعا الله فيه عباده إلى عبادته وبسط فيه موائد إحسانه وجوده. والشيطان في هذا اليوم ذليلٌ حقيرٌ طريدٌ أكثر من أي وقت سواه، وقال الله تعالى في كتابه الكريم “فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ”، وروي عن الإمام السجاد (ع) أنه سمع في يوم عرفة سائلا يسأل الناس، فقال له الإمام (ع) “ويلك أتسأل غير الله في هذا اليوم وهو يوم يرجى فيه للاجنّة في الارحام أن تعمّها فضل الله تعالى فتسعد”.
كما قال “وهو يوم مبارك لكل من دعا وليس فقط لحجاج بيت الله الحرام وإن كان الفضل الأكبر لمن وفق بأن يكون في يوم عرفة في كربلاء لأن هذا اليوم جعله الله يوما مباركا لكل عباده المؤمنين، فعليهم أن يتفرغوا في هذا اليوم قدر المستطاع للطاعة والعبادة والتوسل والإستغفار والتسبيح والصلاة فإنه يوم تقضى فيه الحوائج وتغفر فيه الذنوب..إن شاء الله”.
الحج
وعن عدم القدرة على الذهاب إلى الحج بسبب فيروس كورونا والقيود التي فرضت للحد من إنتشاره، فقد أوضح شحادة في حديثه أن “هذا شهر ذو الحجة وهذه أيام الحج المباركة ولكن لم نستطع الذهاب للحج بسبب الظروف الراهنة وربما الكثير منا يتمنى الذهاب إلى الحج والطواف حول الكعبة والسعي بين الصفا والمروى والوقوف بعرفة ورجم الشيطان وحلق الرأس ودبح الهَدي، ليعود إلى أهله كما ولدته أمه طاهرا نقيا. ولكن بإمكان أحدنا أن يحقق اليسير من ذلك وهو في بيته بين يدي ربه، فمن لم يستطع الذهاب للبيت الحرام لأنه بعيد، فليقصد رب البيت فإنه أقرب إليه من حبل الوريد، ومن لم يستطع الوقوف بعرفة فليقف عند حدود الله، ومن لم يستطع المبيت بمزدلفة فليبت عزمه على طاعة الله ليتقرب إليه، ومن لم يستطع على نحر هديه في مِنى فليذبح هواه ليبلغ به المنى، ومن لم يستطع الخروج لأداء الحج في مكة المكرمة فليخرج من هواه وذنوبه إلى الله تعالى في بيته لعله يرحمه.
كما لابد للمسلمين أن لا يغفلوا عن العلاقة بين بيت الله الحرام وبين أهل البيت عليهم السلام، فالغفلة عن البيت المحمدي الذي منه يؤتى إلى الله عز وجل هي غفله عن طريق الله المستقيم. نحن ندعو الله ونطلب منه الهدايا وبيان الطريق في كل صلاة فيحصر تلك الهدايا النبي المصطفى (ص) “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا”. فنطلب من النبي (ص) الدليل لهذا الطريق فيقول لنا كتابي وعترتي أهل بيتي هم باب الله الذي منه يؤتى فإذا كانت ناقة ثمود ناقة الله، كيف لا يكون باب أهل البيت هو باب الله، وكيف لمن أراد دخول بيت الله الحرام أن يدخل من غير بابه فمن أين يدخل”.