مقدمة LBCI:
كأن كلَّ شيء كان معَدًّا بإتقان وعناية لمسرح ساحة النجمة: اسم المسرحية… السيناريو…النجوم … الممثلون بحسب ظهورهِم على المسرح… رفع الستارة… الجمهور… الحوار… الحبكة… إسدال الستارة …
نحن في جمهورية أو في مسرحية؟ نحن في “مسرحية الجمهورية”.. إسمها ” الموازنة ” من بطولة الرئيس نبيه بري، الحاضر، والرئيس سعد الحريري، الغائب، وضيف الشرف الرئيس حسَّان دياب…
يدخل الجمهور من النواب ، يأخذ مقاعده، تُرفَع الستارة، يُطلُّ نجم المسرحية الرئيس نبيه بري… يدخل ضيف الشرف الرئيس حسان دياب… يجري تفقُّد النجم الثاني الرئيس سعد الحريري، فيملأ غيابَه نوابٌ من كتلته… يظهر ان نص المسرحية في يد النجم الأول الرئيس نبيه بري، فيُعطي الكلام لسبعة نواب ثم تنتقل المسرحية إلى الجزء الثاني والأخير بالتصويت على الموازنة…
49 نائبًا صوَّتوا على الموازنة، أي ما يزيد قليلًا عن ثلث عدد مجلس النواب، وبعد قرابة الثلاث ساعات تُسدَل الستارة إيذانًا بانتهاء المسرحية… يخرج الجمهور من القاعة ليبدأ بطرح الأسئلة عن الحبكة التي لم تكن مفهومة كثيرًا، ومن الأسئلة :
لماذا حضر الرئيس حسَّان دياب وحده من دون أي وزيرٍ من حكومته؟ هل كان يحتفظ بكلمة السر بأن الموازنة ستُقر؟ ومَن أعطاه كلمة السر؟
لماذا أمَّن الرئيس الحريري النِصاب الذي يُشكِّل تسميةً لاحقة وثقة مسبقة بالرئيس حسَّان دياب؟
كيف سيكون الرئيس الحريري في مقاعد المعارضة وهو الذي أعطى الرئيس دياب ما لم يُعطِه اياه حلفاؤه؟
بعد هذا الأداء، هل سيكون بمقدور تيار المستقبل ان يتوجَّه إلى منزل الرئيس دياب للإعتراض عليه؟
لماذا أصرَّ النجم الأول، الرئيس بري على اختصار المسرحية بثلاث ساعات، علمًا أنه كان أعطاها يومين ؟
يتفرَّق الجمهور لتزداد الحبكة غموضًا وتتحوَّل إلى لغز عنوانه: ما الذي دفع الرئيس الحريري إلى تأمين النصاب للجلسة؟
مقدمة ” OTV “
لعلها الجلسة الاقصر والاسرع لاقرار موازنة منذ عقود وعهود على طريقة الشيخ محمد الجسر رئيس المجلس النيابي الذي كاد يصبح رئيسا للدولة اللبنانية زمن الانتداب لولا ان المفوض السامي الفرنسي هنري دو جوفنيل علق الدستور لمنع انتخابه رئيسا . كان للجسر طريقته الحاسمة والظريفة في ادارة الجلسات : صدق . وتهوي المطرقة وتنتهي الجلسة . اليوم كادت الجلسة تشبه جلسات الشيخ الجسر التي تكررت ولو بعد تسعين عاما وللمفارقة ايضا مع احد الذين يمتون اليه بصلة الدم والقربى اي النائب سمير الجسر الذي سأل الرئيس بري عن دستورية جلسة اليوم وعدم جواز مثول الحكومة امام المجلس النيابي قبل نيلها الثقة ما شكل سابقة في الحياة الدستورية اللبنانية . المهم ان الجلسة الاكسبرس مرت وان النواب وصلوا وان المعترضين والحراكيين عكروا صفو الجلسة ودفعوا بالرئيس بري الى اختصار الوقت والطلب من النواب التقليل من الكلام الا ما قل ودل والتصرف وفق : خير البر عاجله فعاجل الحراكيين باقرار الموازنة وقطع الطريق على محاولة اسقاط المجلس بالشارع كما حصل مع الحكومة .
جلسة اليوم الفقيرة بنصابها وعديدها الذي تم تجميعه بشق النفس كانت غنية بالرسائل والدلائل الودية والايجابية . حضر بعض نواب المستقبل لاضفاء الميثاقية وتبديد الاجواء السلبية التي تجمعت في سماء العلاقة بين الحريري والثنائي الشيعي منذ انفجار سبت الغضب المعروف السبب من عكار الى عائشة بكار مرورا بالبقاع وفي المقابل حضر رئيس الحكومة حسان دياب بالاصالة عن نفسه وبالانابة عن وزرائه للرد على الحضور المستقبلي بمثله من الايجابية وتلقف سيدر بصدر حكومته وتبني موازنة سلفه مع ما تحمله هذه الاشارة من دلالة تواصل وعدم قطع مع الحقبة الحريرية والبناء عليها في المرحلة وخصوصا بعد مواقف الحريري غير المتشددة تجاه حكومة دياب وكلام ابن عمته احمد الحريري عن منح الحكومة الحالية فترة سماح تصل الى 3 اشهر قبل ان يتخذ اي موقف جديد ازائها .
اذا موازنة 2020 كرست وقف اطلاق النار بين الحريري ودياب وعززت الهدنة بين الثنائي وبيت الوسط وافسحت في المجال لوليد جنبلاط ليستخدم مخزون الخبرة ويمر من خرم الابرة .
اليوم موازنة وفي الايام المقبلة ثقة . واشنطن لم تغلق الباب امام حكومة دياب التي تضم خريجين من الجامعة الاميركية ومن جامعات اميركية وتضم وزراء يحملون غرين كارد وجنسية اميركية اكثر مما حملته وحوته اي حكومة اخرى لذلك لم يعد من المفيد تسميتها بحكومة فريق معين . دايفيد شينكر وجيفري فيلتمان قالا كلاما متقدما في اليومين الماضيين عن حكومة دياب وضرورة اعطائها فرصة معطوفا على كلام بومبيو الذي وضع شروطا غير تعجيزية رغم تحذيره من ان لبنان امام ازمة مالية اذا لم يلتزم بالاصلاح . لكن ما تقوله اميركا مواربة وتلميحا يقارب التصريح هو ان اي حل ومخرج ومنفذ للبنان غير ممكن ما لم تعمل الحكومة الجديدة على ابعاد لبنان عن نفوذ ايران والحد مما تسميه تدخل حزب الله في الحياة السياسية اللبنانية . ومن ساحة النجمة في بيروت الى البيت الابيض في واشنطن يطل القرن سياسيا من صفقته غدا بعدما اطل اقتصاديا من المنامة البحرين قبل شهرين . غدا تعود صفقة القرن الى الواجهة ولاسباب انتخابية اسرائيلية اميركية متقاطعة بعد تأجيل متكرر . ترامب يواجه العزل ونتنياهو يواجه السجن بسبب الفساد . بومبيو يقول ان لبنان والعراق ينتفضان بسبب فساد المسؤولين فيهما ويدعو بنيامين نتنياهو المتهم بالفساد الى البيت الابيض.
مقدمة ال” MTV “
اليوم تأكد الإنفصال الكامل للطبقة السياسية الحاكمة عن الناس، وثبت شرعياً وطبياً وعيادياً أن ما يصيبها هو الإنفصام في كل تجلياته المرضية.
فالرئيس بري أكد للنواب أنه عمل السبعة وذمتها، ونحن نصدقه، وأشرك الجيش في بناء جدار ألفصل المحكم وإلا ما كنا تمكنا من عقد جلسة الثقة ومن ثم نصح النواب عدم الخروج من الجلسة لأن من يغادرها لن يتمكن من العودة.
إلا أن هذا الإعتراف بقوة الناس الذين حاصروا المجلس بأجسادهم لم يصح ضمائر نواب الأمة بل دفعهم إلى المزيد من الإنكار والهروب إلى الأمام، فكان أن إرتكب مهزلة تهريب الموازنة علماً بأن رئيس الحكومة الذي جلس وحيداً في مقاعد الحكومة كالجالس في قفص إتهام، إعترف بأن أبوتها تعود إلى الحكومة السابقة وإضطر مرغماً إلى تبنيها بعد رفض وممانعة. والأغرب أن الثقة بالموازنة جاءت هزيلة إذ غاب عنها كل الوزراء في فعل إنكار موصوف لها فيما إمتنع عدد من أهل السلطة عن منحها اياها. ولتكتمل الصورة المبكية، جاءها الدعم من رافضيها من معارضي دياب أي المستقبل والإشتراكي اللذين نورا برفضهما الموازنة لكنهما أمنا لها النصاب مبررين فعلتهما، الأول بالإخلاص لخط العقلنة والتروي التاريخي، والثاني، لحتمية منح البلاد فسحة للتنفس والتهدئة ولكن أي تنافس وتهدئة وموعد الغضب المقبل مع جلسة الثقة بالحكومة.
وإذا كان الإنكار والإستخفاف بالناس صارا النهج المتبع من أهل السلطة لتسيير شؤونهم والبقاء أي الإمعان في تحدي الناس ، وأكثر من ذالك كيف على موازنه تقوم على تصغير الإقتصاد وتجميد النمو وتجفير الإستثمارات والخالية من أي خطة لإسترجاع الأموال المنهوبة وخفض الضرائب ومحاربة الفساد كيف لها أن تهدئ روعى اللبنانيين الغاضبين وتطمئن المستثمرين والأهم إرضاء الدول المانحة وكيف لمن لا يقتنع بجودة بضاعته أن ينجح في تسويقها ؟ كل هذا يعني المزيد من الغضب الشعبي ولا يدفع أن يتهم الناس الجائعون بتعطيل الدولة وقد ادارت لهم الظهر وصمت الأذنين عن صراخهم وأنينهم وأصابت جيوبهم وكراماتهم ومصالحهم ومستقبلهم بأعطال دائمة.
مقدمة “المنار”
ضروراتٍ دستوريةٍ، ومَنعاً للمحظوراتِ الكارثيةِ اقتصادياً ومالياً، كانت الجلسةُ النيابيةُ لاقرارِ موازنةِ العامِ الفين وعشرين..
وضِمنَ الاجتهاداتِ الدستوريةِ واِيماناً بالحقِ المُطلَقِ بالتشريع، ولاَنَ موازنةً مُقَرةً خيرٌ من ايِ صرفٍ على القاعدةِ الاثني عشرية، كانَ تبريرُ الرئيس نبيه بري لعقدِ جلسةٍ بحضورِ رئيسِ الحكومة حسان دياب ممثِلاً حكومتَهُ قبلَ نَيلِها الثقة، وثقةً منهُ أنَّ ما تَمَ نِقاشُهُ في لَجنةِ المالِ والموازنة انجازٌ، واَنَ الوقتَ ليسَ لصالِحِ البلد المُختَنِقِ اقتصادياً، كانَت الجلسةُ التي أْختُصِرَت بيومٍ واحدٍ وانتَهَت الى اِقرارِ الموازَنَة، رغمَ مقاطعةٍ سياسيةٍ بتلاوينَ شعبوية، اما قِمَّةُ التناقُضِ فكان تصويتُ كتلة المستقبل ضدَّ موازنَةٍ أعدَّتْها حكومةُ رئيسهم سعد الحريري..
ولأَنَّ لا شيءَ عادياً في لبنان، ولأنَ تعقيداتِ الظروفِ الاقتصاديةِ والماليةِ والنقديةِ تُملي التصرفِ مِن مَنطِقِ الضَرورةِ والعجلة والاستثناء، كانَ حضورُ رئيسِ الحكومة حسان دياب ليؤكِدَ عَدمَ عرقلةِ حكومتِهِ لموازنةٍ اعدَتها الحكومةُ السابقة، وناقَشَتها لَجنَةُ المالِ والموازنة، واكتَمَلَت اِجراءاتُها، معَ الاحتفاظِ لحكومتهِ بحقِّ تقديمِ مشاريعِ قوانينَ لتعديلاتٍ في المُوازَنَة، بعدَ نيلِ الثقة..
أما موعدُ جلسةِ الثقةِ بالحَكومَة، فمرهونٌ باتمامِها بَيانَها الوزاريَ الذي وَعَدَ رئيسُها اَنَهُ لن يطولَ كثيراً، معَ الجَلَساتِ المتسارِعَة للجنةِ صياغةِ البيانِ الوِزاري التي تُعقَدُ في السراي.
في الاقليمِ المُعَقَّدِ كارثةٌ اصابَت سلاحَ الجوِ الاميركي كَما وَصفَتها قناةُ السي أن أن، عبرَ اِسقاطِ طائرةٍ مأهولةٍ تابِعَةٍ للسي آي أيه في افغانستان، ولم تَتَضِح كاملَ ملابساتِ الحادثِ بعد.. اما ملابساتُ صفقةِ القرن فلا زالَت تُراودُ بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب كآخِرِ اوراقِهِما السياسية بعدَ سجلٍ من الاخفاقاتِ ضَيَّقَت عليهِما الخِناقَ الانتخابي.
صفقة يُعِدُ لها المأزومانِ في واشنطن، فيما يؤكِدُ الفِلَسطينيونَ كلُ الفلسطينيين، اَنها اوهامٌ لن تَمُرّ..
مقدمة الجديد:
بسبعةٍ معَ ذمتِها اجتازَ النوابُ المَسافاتِ للوصولِ إلى المجلس وبأقلِّ الأضرار والأصوات الممكنة أفلتت موازنةُ عامِ عِشرينَ مِن قيودِ الشارع هي جلسةٌ بالتهريب وقد جرى توضيبُ نقاشاتِها واختصارُ جلَساتِها التي غالبًا ما كانت تستولي على ثلاثةِ إلى أربعةِ أيامٍ بلياليها واحتلالِ شاشاتِها واتباعُ التقنينِ في الجلَسات يعودُ الى تعذّرِ تأمينِ الوصولِ في اليومِ التالي ما اضْطَرَّ الأمر الى الحَجْرِ على النوابِ وإلزامِهم إقرارَ الموازنةِ في يومٍ واحد أمّنَ المستقبلُ النصابَ لكنّه حَجَبَ الصوت.. والموازنةُ التي صنعتْها حكومةُ سعد الحريري “كُيّست” إلى حسّان دياب.. خرَجَ منها صناعُها وتبّناها الوزاريونَ الجُدد.. وبتوصيفِ النائب سليم سعادة فقد حَصلنا على موازنةٍ “لقيطة” وكانَ سليم.. سعادةَ الجلسةِ وظِلَّها في الكوميديا السياسيةِ النقديةِ السوداء حيثُ فنّدَ الأزْمةَ بواقعٍ ظريفٍ ومُرّ معلنًا انتهاءَ شهرِ عسلٍ دامَ ثلاثينَ عامًا لا ثلاثينَ يوماً وأصبحنا على معادلة NO MONEY NO HONEY وبحكوماتٍ منذُ الطائف كانت “دنَس بلا حبل” واليومَ نريدُها “حبل بلا دنس” والمولودُ الخارجُ مِن رَحِمِ حكومةِ الحريري أُجريت له عمليةُ تحويلٍ إلى أنابيبِ حكومةِ دياب الذي كان حَضرَ منفردًا مِن دونِ بقيةِ الجِهازِ الوزاري.. لكنّه خرجَ “حاملًا” وُزرَ موازنةٍ لم يَقرَبْها وإذِ التزمَ دياب تبنّيَها وتحمّلَ مسؤولياتِهِ تجاهَها فإنّ أباها السابقَ خرجَ الى الردِّ عن بعدٍ على كلِّ مَن يَجدُ الفرصةَ مؤاتيةً لفبركةِ الحَمَلاتِ وقالَ سعد الحريري إنَّ كُتلةَ المستقبل لن تكونَ أداةً للمقاطعةِ وتعطيلِ المؤسسات وهي قامت بواجبِها ولم تَتهرّبْ مِن مسؤولياتِها مهما تكاثرَت مِن حولِنا أبواقُ المزايدين ومعلّمُ المزايدينَ كانَ النائبَ نهاد المشنوق الذي علّم على الحريري ودياب معاً وقال إنّ الكُتلَ التي شاركت في إقرارِ الموازنة، ثُم صَوّتت ضِدَّها، تحتاجُ إلى خبراءَ بفكِّ الألغازِ والطلاسم ومشهدُ الرئيس حسّان دياب وحيداً على مِنصّةِ الوزراء، بلا حكومتِه، كانَ اعتداءً آخرَ على رئاسةِ الحكومةِ وإهانةً للبنانيين لكنَّ اللبنانيينَ لم يُهانُوا.. لا بل استطاع بعضُهم الوقوفَ سدًا منيعًا امامَ وصولِ النواب.. وجعلوا منهم نوابًا متسللين خائفين يصلونَ بالسرِقةِ الى ساحةِ النجمة وبتعبيرِ النائب جميل السيد: نحن جميعًا ندفعُ ثمنَ ما جنَتْه أيدينا ولو كانت هناك مراقبةٌ ومحاسبةٌ لتجنّبا هذا المشهد.. فنحن في حالةٍ سُرياليةٍ فوضويةٍ غيرِ مسبوقةٍ لا يَنطبِقُ عليها أيُّ نصٍّ دستوريّ، ولا سامحَ اللهُ من أوصلنا الى هنا.